محاط بالمرضى النفسيين

عندما يتحدث توماس إريكسون إلينا، فإنه يؤكد أنه ليس يقصد المصابين بأمراض نفسية أو أصحاب الشخصية السايكوباتية. فمن يكونون بالضبط؟ دعنا نرى.

من المختلون نفسيًّا؟ أساسيات تقييم نظام “ديسك”، الذي يُصنف أنماط السلوك البشري استنادًا إلى أربعة صفات ويربطها بألوان محددة. على سبيل المثال، يركز اللون الأحمر على الهيمنة، واللون الأصفر محصور في التأثير، واللون الأخضر للخضوع، واللون الأزرق للالتزام. وسنشرح تفاصيل كل نمط.

بعد إحدى محاضراته حول النماط، التقى بشخص غريب قال له إنه لم يشعر بالتشابه مع أي نمط ويروج أنه ينتمي إلى نمط خاص به، وتصرفات هذا الرجل كانت غريبة، وهو كان يراقب توماس من بعيد ورأى توماس يقلد تعابير وجوه أشخاص آخرين حوله.

اكتشف فيما بعد أن الرجل هذا كان على حق، وأن هذه التصنيفات لا تنطبق على الجميع، مثل السيكوباتيين على سبيل المثال، حيث أنهم ليسوا أشخاصًا طبيعيين بالأساس، وليس لديهم مشاعر أو ضمير!

حسنًا.. كيف أعرفهم؟

يقوم المؤلف بتجميع صفات المرضى النفسيين في عشرين صفة، منها اللباقة والجاذبية وتقدير المبالغ فيه للذات، وعدم الشعور بالذنب والكذب المرضي والقسوة وعدم التعاطف وعدم تحمل المسؤولية والعلاقات العاطفية المتعددة، والاندفاع وغيرها الكثير، وبالطبع أهمها الغش والتلاعب الذي سنتعرف على أشهر طرقه قريبًا.

هل تعني وجود هذه السمة أن الشخص مريضًا أو غير عادي؟

لا يا صديقي، من الطبيعي أن نجد صفة أو اثنتين منها لدينا، فنحن لسنا ملائكة ويمكننا أن نرتكب أخطاءً. الاختلاف يكمن في أننا نمتلك ضميرًا أخلاقيًا ونشعر بالذنب. بالإضافة إلى ذلك، مجرد اعترافنا بالأخطاء يمكن أن يفصلنا عن فئة السيكوباتيين.

من الأهمية الآن أن تنتبه إلى من يحيطون بك وتلاحظ أولئك الذين يمتلكون صفات مماثلة وكيفية تعاملهم معك، وخاصة إذا كانوا يركزون على نقاط ضعفك، حيث سيحاولون استغلالها للتلاعب بك. 

إذًا ما نقاط ضعفي؟

عزيزي الصديق، لا يمكننا تفويت هذا! سنتحدث الآن عن أنماط السلوك التي أشار إليها توماس في كتابه السابق ونقاط ضعف كل نمط، وكيف يمكن للشخص المختل أن يتسلل خلالها.

الأنماط السلوكية وَفقًا لنظام “ديسك”

بالإضافة إلى ما تم ذكره سابقاً، يقوم نظام تقييم الشخصية “ديسك” بتصنيف الأفراد إلى أربعة أنماط سلوكية مشتركة بألوان محددة.

• 1- النمط الأحمر يمثل الأشخاص الذين يتمتعون بسلوك مسيطر حيث يركزون على أعمالهم ويعملون بسرعة، ولديهم قدرة كبيرة على حل المشكلات. يعد هذا النمط نوعًا من الصرامة نظرًا لإمكانية رفع أصواتهم عندما يعارض أحدهم كلامهم، ولا يسمحون لأولئك من حولهم بالتأثير عليهم.
• 2- النمط الأصفر: يمثل السلوك المؤثر، والأشخاص الذين يندرجون تحت هذا النمط يكونون عادةً سعداء ومبدعين ومفتوحين في علاقاتهم مع الآخرين ويتواصلون بسهولة مع الناس ويهتمون بهم، ويفضلون التحدث كثيرًا عن أنفسهم، ولكنهم غير جيدين في الاستماع.
• 3- النمط الأخضر: يُمثِّل السلوك الخاضع، وهم أشخاص محجوزون يهتمون بسعادة المحيطين بهم ويكرهون النزاعات، مترددون ويميلون إلى أن يتم اتخاذ القرارات نيابةً عنهم من قبل الآخرين، وهذا طبعًا يجعلهم سهلي الفريسة للمضطربين.
• 4- النمط الأزرق: يعبر عن السلوك الملتزم، واصحاب هذا النمط هم أشخاص منطويون تحليليون للغاية، ويحبون أن يكون كل شيء منظمًا ويركزون على التفاصيل، كما يمتلكون عينًا ناقدة تركز على العيوب.

كيف يؤثر الشخص المضطرب عقلياً على الشخص الأحمر بشكل ما؟

في بعض الأحيان، يتصرف أصحاب السلوك الأحمر بطريقة عدوانية. يبحث المختل في كيفية الاستفادة من هذه العدوانية ومن ثم يوجه شخصية الأحمر عندها غضبه نحو هدف محدد.

في هذا الأمر قد انهينا الفعل وسوف نتجه الآن نحو اللون الأصفر.

نقطة ضعف الشخص الأصفر تكمن في انه اجتماعي جداً، ويحب الناس ويستمتع بالتحدث عن نفسه. بالإضافة إلى ذلك، فهو حساس للنقد ويعتمد على الآخرين لتحقيق سعادته. يشعر بالذبول ويفقد حماسه وقدرته الإبداعية في حالة عدم وجودهم.

يمكن للشخص المضطرب أن يستخدم ما ذُكر سابقًا ليقول له مثلاً أن أحد أصدقائه وصفه بصفات سيئة، أو أن أصدقائه يشكون من كثرة حديثه عن نفسه، وهذا بالطبع يجعله يشعر بالتوتر وفقدان التوازن.

كيف يتلاعب المختل نفسيًّا بالشخص الأخضر؟

اللون الأخضر يشبه اللون الأصفر فيما يتعلق بحساسيته للانتقاد، بالإضافة إلى أنه يخشى الصراعات ولا يعبر عن رأيه الحقيقي، كما أنه يخاف التغيير وغالباً لا يتحمل المسؤولية.

عندما يختار المريض المصاب بالاضطراب النفسي ضحية من أشخاص يتبعون الطراز الشخصية الأصفر، يتسع نطاق محاولته لقمع شخصية الضحية لكي يسيطر عليها، لكن الأمر مختلف بالنسبة للأشخاص الذين يتبعون الطراز الشخصية الأخضر حيث يحاولون في الأساس أن يرضوا جميع من حولهم، وما يقوم به المصاب بالاضطراب هنا هو تعزيز صفاته المريضة هذه.

كيف يتلاعب المختل نفسيًّا بالشخص الأزرق؟

الشخص الذي لديه نمط سلوك أزرق هو في الواقع من الصعب جدًا التحكم فيه – الحمد لله – لأنه مدرك لما يحدث حوله ويتذكر كل التفاصيل، لذا فإن اكتشاف كذب المريض العقلي مرجح جدًا.

ومع ذلك، يوجد عيوب في اللون الأزرق يمكن أن تؤثر سلباً على الشخص المصاب بالاضطراب العقلي، مثل التمسك الزائد بالكمالية. إذا أقنع الشخص المصاب بالاضطراب العقلي نفسه بأنه ارتكب أخطاء في عمله، فإن ثقته بنفسه ستتلاشى.

أساليب التلاعب الشائعة

التعزيز الإيجابي التعسفي:

يشير ذلك إلى قدرة شخص ما على تشجيع ودعم شخص آخر بشكل مكثف، ثم يتوقف فجأة وبلا سبب معروف، مما يثير الشك في قلب الشخص الضعيف ويجعله يتسائل عما إذا كان قد أخطأ بشيء ما. وبسبب ذلك، يحاول الضحية فعل أي شيء مطلوب منها بواسطة هذا الشخص المضطرب لاستعادة الدعم والتشجيع من جديد.

قصف الحب:

يتم استخدام هذا النهج في العلاقات الشخصية، ويستند على مثل “تعال اسمح لي أن أغمرك بالحب والاهتمام” في بداية التعامل، ثم يتحول فجأة إلى “أنت مغرور.. ليس لديك شعور”، وهذا يعني أن الشخص العاطفي يغرق شريكه في الحب والدعم والقبول التام في البداية، ثم فجأة يتحول الحب إلى انتقاد لكل ما كان يظن أنه يحبه، وذلك ليتمكن من السيطرة على شريك حياته.

وفي النهاية.. فإن الهدف من الكتاب ليس أن تظل خائفًا من الناس أو أن تعتزل وتحبس نفسك في المنزل، ولكن الهدف هو أن تكون واعيًا بنفسك وأن تكون قادرًا على التعامل مع الناس بكل أنواعهم براحة وأمان.